قلت له :انتبه يا ولدي …
كن على حذر …
لا تأتِ …
فقد جفت لغة المطر …
تعلق في الغيب جنيناً …
وانتظر …
أقم في الضيق واصطبر …
لا تخرج …
كن على حذر …
فإن دنيانا سقر …
ضاق الصغير ذرعاً … بالمقام …
كسّر قيد الأحرار … وأسوار السلام …
وفرّ من بطن أمه إلى بطن الوطن …
قال الطبيب : ولدٌ , أبوه مَن ؟
قلت : أنا … سأسمِيه حسن …
حملت أمّ الصغيرِ ابنها لكمت على خده ألف قبلة …من الحياة …
سقته من صدرها لبنا خالصا …
وبعد ساعة بلّ في قماطه !
قال : ما هذا يا أبي ؟قلت : عَفَنْ .
شيءٌ صغيرٌ من الدنيا …أول الدنيا … يا حبيبي يا حسن …
وبعد ساعة جاع :ما به بطني يا أبي أضحى يئن ؟!
قلت : إنه الجوع يا ولدي … أبو الفتن …هكذا يعيش 850 مليون في هذا الوطن …
قال : يا أبي… وأين نفطكم وغازكم ؟ ما هذه ؟! ألغازكــــــــــــــــــــــــــم ؟
وبعد ست شقوات من الزمن … حان موعد التعليم يا حسن …
ردد مع الأستاذ :يحيا الوطن… عاش الوطن …
قبّل كتف المدير والوكيل والناظر والغفير … قبّل أياديهم والرؤوس …
تعلم فعندما تكبر ستقبل يد الرئيس ونائب الرئيس … والخسيس…
لا تعارض ما يقول الأستاذ … إنه تربى على الضيم … منذ زمن … إنه خبير مؤتمن …
مسكينٌ لديه طفلان … , وأم , وأيضاً …
هات أذنك يا حبيبي : ووطن …
لا تلعب في الحصة يا ولدي … لا …
تعلم الصمت والخضوع والخنوع والركوع والإذلال …
تعلم أن تستسيغ غلبة الأسياد , وقهر الرجال …
تعلم الكفر بالإيمان , والشك باليقين , والانحلال …
تعلم الصمت والسكون والركون… في كل حال …تعلم ألا تقاوم الاحتلال …
تعلم أن تطيع … تعلم أن تلبس ما يختارونه لك … من العري !
تعلم أن تمشي في طريقهم … المراقب بالرادار !
أن تشرب من ماء إبريقهم … المنقوع بالخمر … والكاسيات العاريات …
تعلم أن تأكل من مصنوعاتهم الوطنية … وهم يستوردون …
تعلم القراءة والكتابة …ولكن إياك أن تكتب إلا ما أملوا عليك …
إياك أن تقرأ إلا كتبهم … وتأليفاتهم … وتفاهاتهم …
قلت له :وداعاً يا ولدي … إني مسافر إلى حيث لا وطن …
سأتركك في ذمة الوطن …
لكن لا محالة عائدٌ أنا … إذن …
عدت بعد ردحٍ من الزمن …
فتشت عن ولدي حسن …قالوا :عذراً … إنه مشغول … ولن…
إنه في الحفل البهيج بمناسبة التحرير … يا أبا حسن …
يا له من ولدٍ محظوظٍ … إنه على المسرح … عن يمينه ليلى … عن يساره سلمى … ومن خلفه الوطن …
… : يا لهولي … ولدي يغني إذن ؟!
قالوا : لا ..
… : يا لمصيبتي … ولدي يرقص إذن ؟!
قالوا : لا … لا
…: بالله عليكم ما مهنة ابني حسن ؟؟؟!!!
قالوا : إنه يلقي قصيدة في حب الوطن !!! إنه شاعر الوطن …
: … الآن اطمئن قلبي … … قبح الله وجهك يا حسن …
1 Comment