الأميُر في زَمَنِ الشّعِير ..

.
..

ذَاتَ َظهِيرةٍ حَارِقَةٍ , وفي طَريقِ العَودَةِ إلى بيْتِهِ على سَيّارَتِه المُهْترِئَة ِ بعد نهارٍ مضنٍ من العَمَلِ
, استوقَفَهُ منظرُ الشّارِع الخالي من السيّارات إلا تلك السّوداء …

إنّه الشّارِعُ الوَحِيدُ في قَرْيَتِه .
فَجْأة صَاح به شُرطِيّ : … قِفْ !
صاح آخر : لا تقف !

الشّارِعُ خَالٍ تماما إلا مِنْ المارّّة وبعض المتطفلين من وَرَاء زُجَاج مَحالّهِم التّجَارِية .
حَاوَلَ عَبَثًا أنْ يَصِلَ إلى بيته , لكِنّ كُلّ الطُرِقِ – حتى الملتوية منها – مُغلَقَةٌ ومُحَاْصَرَةٌ !
حاول أن يعود إلى مقر عمله , لكنّه لم يُفْلِحْ .
الغداء في انتظاره .

… سَاعة مَرّتْ … ساعتان مَرّتا وأمرّتا …
صاح شرطي ثالث : استعدوا … سَيَصِلُ قَريباً …
الناس على جنبات الشارع يحملقون في شوق لبزوغ ذلك المجهول …

فجأةً ظَهَرَتْ شَاِحَنٌة محملةٌ بالشّعِيْر!
صَاْحَ بها شرطيّ رابع :
يا … قفْ.

ترك المتجَمْهِرُون أماكنهم , وانطَلَقُوا لينالوا نصيبهم من الشّعِيْرِ …
تزامن مرور الموكب بعد ذلك بقليلٍ …
لَكِنّ العُقَلَاء اخْتَارُوا الشّعِيْرَ !!!


..
.

By مدوحم الفيفي

كاتب يبرز بأسلوبه المميز يجمع بين الإبداع الأدبي ومجال الكتابة والنقد، يتميز بقدرته على استعراض القضايا الاجتماعية والسياسية بطريقة ساخرة . لمدوحم الفيفي مؤلفات في مجال الشعر والقصص القصيرة التي تلمس خيوط الوجدان الإنساني وتلك التي تعكس الواقع بكل تعقيداته. تتسم كتاباته بالعمق والتنوع، ما يضفي على أعماله طابعاً خاصاً وجاذبية ملحوظة. ينقل الأفكار والمشاعر بأسلوبه الفريد والمبتكر الى القراء والمهتمين بالشؤون الاجتماعية والثقافية روائي وناقد وفيلسوف في آن واحد، يسلط الضوء على جوانب مختلفة من الحياة بأسلوبه الخاص .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *