أحْيانًا يَسطُو على روتينك اليومِي المُلل مَوقفٌ يسوقه إليك ثرثارٌ سخيفٌ يزيدُهُ إمْلالًا ,
لا تتمنى من خلاله أن تمتلكَ آلة قمعٍ عَربية لأنك حتماً ستسيءُ استخدامها , لا كما
يفعلُ الدنمركيون بأبقارهم الحلوبة , بل كما يفعل إخواننا بإخوانهم في زمن ما يُسمى بـ ” الربيع العربي ” .

أحياناً وفي بعض تلك المواقف تتمنى أن تمطِرَ عليك السماءُ ” علبتا نيدو “ إحداهما فارغةٌ أو ممتلئةٌ ,
ثم تدعو سخيفًا ما إلى الشارع المجاور الذي يبدو أنه أعد خصيصًا لهذا الغرض ليرى بالعين المجردة إلا من السّخافة
علبتي النيدو وهما تتدحرجان في الشارع ليقيس بمقياس ” ريختر أو ثِرثَر أو بهما معًا ” مستوى الضجيج الذي تحدثه العلبُ الفارغةُ .

ثُمّ أليست الحميرُ المحترمةُ بما تكبدته من عناء منذ نشوء البشرية إلى عهدٍ غيرِ بعيدٍ , ورغم نهيقها المزعج
الذي تطالب فيه بأبسط حقوقها المسلوبة , لم يعد أحد يلتفت إليها ولو بكيس شعير , بل تناست الإنسانية دورها …

اليوم عرفت السبب : لِمَ كان – جدي رحمه الله – عندما يجوب سوق الأغنام كل أربعاء
لا يتفحص ظهر الشاة أو ضرعها إلا نادراً بقدر ما يستدل على جودتها بسكينتها وابتعادها عن الثغاء بمناسبة وبدون مناسبة .

وقديمًا قيل :
إن بعوضة هبطت على نخلة فلما أرادت أن تطير … قالت للنخلة : تماسكي أيتها النخلة فأنا سوف أطير!
فقالت النخلة للبعوضة :
والله ما شعرت بك يوم وقعت ” فكيف أشعر بك إذا طرتِ ؟

وما أحسن قول الشاعر :
لَوْ كُلّ كَلْبٍ عَوَى ألقَمْتُهُ حَجَراً … لأصْبَحَ الصخرُ مِثقالٌ بدِيْنَارِ

By مدوحم الفيفي

كاتب يبرز بأسلوبه المميز يجمع بين الإبداع الأدبي ومجال الكتابة والنقد، يتميز بقدرته على استعراض القضايا الاجتماعية والسياسية بطريقة ساخرة . لمدوحم الفيفي مؤلفات في مجال الشعر والقصص القصيرة التي تلمس خيوط الوجدان الإنساني وتلك التي تعكس الواقع بكل تعقيداته. تتسم كتاباته بالعمق والتنوع، ما يضفي على أعماله طابعاً خاصاً وجاذبية ملحوظة. ينقل الأفكار والمشاعر بأسلوبه الفريد والمبتكر الى القراء والمهتمين بالشؤون الاجتماعية والثقافية روائي وناقد وفيلسوف في آن واحد، يسلط الضوء على جوانب مختلفة من الحياة بأسلوبه الخاص .

One thought on “علبتا نيدو !!”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *