أحْيانًا يَسطُو على روتينك اليومِي المُلل مَوقفٌ يسوقه إليك ثرثارٌ سخيفٌ يزيدُهُ إمْلالًا ,
لا تتمنى من خلاله أن تمتلكَ آلة قمعٍ عَربية لأنك حتماً ستسيءُ استخدامها , لا كما
يفعلُ الدنمركيون بأبقارهم الحلوبة , بل كما يفعل إخواننا بإخوانهم في زمن ما يُسمى بـ ” الربيع العربي ” .
أحياناً وفي بعض تلك المواقف تتمنى أن تمطِرَ عليك السماءُ ” علبتا نيدو “ إحداهما فارغةٌ أو ممتلئةٌ ,
ثم تدعو سخيفًا ما إلى الشارع المجاور الذي يبدو أنه أعد خصيصًا لهذا الغرض ليرى بالعين المجردة إلا من السّخافة
علبتي النيدو وهما تتدحرجان في الشارع ليقيس بمقياس ” ريختر أو ثِرثَر أو بهما معًا ” مستوى الضجيج الذي تحدثه العلبُ الفارغةُ .
ثُمّ أليست الحميرُ المحترمةُ بما تكبدته من عناء منذ نشوء البشرية إلى عهدٍ غيرِ بعيدٍ , ورغم نهيقها المزعج
الذي تطالب فيه بأبسط حقوقها المسلوبة , لم يعد أحد يلتفت إليها ولو بكيس شعير , بل تناست الإنسانية دورها …
اليوم عرفت السبب : لِمَ كان – جدي رحمه الله – عندما يجوب سوق الأغنام كل أربعاء
لا يتفحص ظهر الشاة أو ضرعها إلا نادراً بقدر ما يستدل على جودتها بسكينتها وابتعادها عن الثغاء بمناسبة وبدون مناسبة .
وقديمًا قيل :
إن بعوضة هبطت على نخلة فلما أرادت أن تطير … قالت للنخلة : تماسكي أيتها النخلة فأنا سوف أطير!
فقالت النخلة للبعوضة :
والله ما شعرت بك يوم وقعت ” فكيف أشعر بك إذا طرتِ ؟
وما أحسن قول الشاعر :
لَوْ كُلّ كَلْبٍ عَوَى ألقَمْتُهُ حَجَراً … لأصْبَحَ الصخرُ مِثقالٌ بدِيْنَارِ
رائع , رائع .